ضريح ميسوغي-جينجا 身曾岐神社

يقع ضريح ميسوغي على هضبة كوبوتشيساوا الممتدة على السفح الجنوبي لجبال ياتسوغاتاكه. ويضم هذا المكان الطبيعي الساحر عددًا من مجمعات الأضرحة التي تطل على جبل فوجي شرقًا وجبل كاي-كوماغاتاكه في الوسط وجبل الألب الجنوبي جنوبًا. وما يزال هذا الضريح إلى اليوم يمارس طقوس "الميسوغي" القديمة التي تهدف إلى تطهير الجسم والروح، وهي من الطقوس المستمدة من الكوشنتو (أي ديانة الشنتو اليابانية القديمة) التي تحتفي بالطبيعة وتقدر الحياة.

يمكن الوصول إلى ضريح ميسوغي بالقطار من طوكيو.

إذا كنت مسافرًا من محطات شينجوكو، ستستغرق الرحلة ساعتين على متن القطار السريع الذي يقف في المحطات الرئيسية فقط على خط قطارات جيه آر تشو الرئيسي إلى محطة كوبوتشيزاوا. وستجد وجهتك على بُعد 5 دقيقة بواسطة سيارة الأجرة من المحطة.

يُعد ضريح ميسوغي امتدادًا لضريح إنوه في أوينو بطوكيو الذي كان مخصصًا للراهب ماساكانه إنوه (1790 - 1849). وقد ورث ماساكانه إنوه ديانة الكوشنتو التي كان يمارسها شعب اليابان قديمًا، وتركز على تقدير الحياة من خلال الاهتمام بالطبيعة ونشر طقوس الميسوغي التي تعني تطهير الجسم والروح. أُطلق على الضريح اسم ضريح ميسوغي عام 1986، ونُقل من طوكيو إلى سفح جبل ياتسوغاتاكه حيث ما زال ينقل تعاليم ديانته إلى الأجيال الجديدة. وبعد نقل هذا الضريح، بُنيت عدة مجمعات أضرحة على شكل "تاكاماغاهارا"، وهي كلمة تشير إلى العالم الذي تقيم فيه آلهة الأساطير اليابانية.

تقع خلف قاعة العبادة الرئيسية ثلاثة أضرحة؛ أوسطها ضريح أماتيراسو-أوميكامي، أعلى آلهة ديانة الشنتو اليابانية شأنًا. وأقيمت مباني الأضرحة على نمط شينمي المعماري المميز، وهو ذات النمط الذي يمكنك رؤيته في ضريح إيسه-جينغو. تتميز أجواء قاعات الضريح بالهدوء والسكون اللذين يساعدان على تطهير قلوب المتعبدين هناك ومنحهم شعورًا بالتناغم مع الطبيعة.

يُقال إن هذا الطقس القديم هو طريقة للوصول إلى مرحلة تنقية العقل وتطهير الروح وتحرير الإنسان من جميع السلوكيات التي تقيِّده بالعالم المادي. تضم ساحات الضريح قاعة زويشو-غو، وهي قاعة تدريب فسيحة بُنيت لتعليم طقوس الكوشنتو، ويمكن للزوار التعرف فيها على طقوس الميسوغي وممارستها بأنفسهم على مدار يومين وليلة واحدة.

تقع أمام مسرح نوه بِركة مياه يصل إليها جدول مياه صافية من أحد الشلالات القريبة. وقد بُنيت قاعة ميسوغي-دن بحيث تكون طافية في وسط هذا الجدول، وكأنها صورة لآلهة الشنتو الأسطورية تؤدي طقوس الميسوغي فوق صفحة مياه هذا الجدول. وشُيّدت القاعة من المواد الطبيعية فقط؛ إذ بُنيت أعمدتها من خشب السرو وجدرانها من قماش القنب، بينما يسري في داخلها بلا توقف جدول مياه عذبة صافية. ولا تفتح هذه القاعة أبوابها للزوار إلا خلال طقوس التطهير التي لا تتجاوز ساعة واحدة. تتميز طقوس تطهير الميسوغي بطابع فريد للغاية، ويُقال إنها تُقام لتنقية الروح من الأعباء التي تحملها، ما يمنح من يمارسها حياة أكثر رغدًا وسعادة.

إذ يُعتقد في تعاليم ديانة الشنتو القديمة أن الآلهة تتخذ شكل النار والماء. ويشير حرف (火) في اللغة الصينية إلى النار، وحرف (水) إلى الماء، ويُنطقان "كا" (النار) و"مي" (الماء)؛ أي أنهما مطابقان لكلمة "كامي" (神) التي تعني في اللغة اليابانية الإله. ووفقًا لهذه المعتقدات، تحتوي قاعة كاشو-دن (قاعة النار) على نار مقدسة، باعتبارها الإله الرئيسي في هذه القاعة. وتُشعل هذه النار مرة واحدة في العام بفعل أشعة الشمس، وتظل مشتعلة بقية العام. وتُقام في الساعة الثانية من ظهر اليوم الثاني والثاني عشر والثاني والعشرين من كل شهر طقوس الشنتو للصلاة لهذه النار المقدسة طلبًا للحظ الحسن وطرد الشرور. ويمكن أيضًا للزوار المشاركة في هذه الطقوس ومشاهدتها. وإذا لم يتمكن الزوار من الحضور في ذلك الوقت، فيمكنهم كتابة أمانيهم على لوح صلاة خشبي وتقديمه إلى الضريح للتطهير في النار المقدسة أثناء تلك الطقوس.

أما قاعة سويشو-دن (قاعة الماء) فتحتوي على الماء، باعتباره الإله الرئيسي في تلك القاعة. وتوجد هذه القاعة داخل بئر تُعد مصدر مياه الينابيع المقدسة النقية التي تنبع من أكثر من 80 عامًا من تحت الأرض أسفل سلسلة جبال ياتسوغاتاكه.

كثيرًا ما تحتوي الأضرحة على قاعة "كاغورا-دن"، وهي عبارة عن مسرح لأداء الرقصات الاحتفالية الموجهة لآلهة الشنتو. وتعتبر قاعة كاغورا-دن في ضريح ميسوغي أحد مسارح النوه الكاملة: نوغاكو-دن. ويشكل فن النوه جزءًا من الثقافة اليابانية التقليدية، وتمتد جذوره التاريخية إلى أكثر من ستة قرون. وتقع قاعة نوغاكو-دن فوق بِركة مقدسة مليئة بالمياه النقية. حيث تبدو الصورة المنعكسة لمبناها على سطح مياه البحيرة بمنظر ساحر يشبه طائر عنقاء واقفًا وباسطًا جناحيه. وعند أداء مسرحيات نوه على خشبة هذا المسرح، تصل أصواتها إلى سطح الماء وترتد منه مرة أخرى بصوت أعلى. تُقام عروض "ياتسوغاتاكه تاكيغي نوه" في الثالث من أغسطس من كل عام كأحد طقوس مهرجان يويميا في ليلة المهرجان الرئيسي السنوي. وهكذا تشكل أصوات ممثلي النوه ونغمات مزاميرهم وإيقاعات طبولهم سيمفونية رائعة ينعكس صداها من سطح مياه البِركة لتجذب انتباه جمهور الحاضرين إلى دخول عالم من الجمال والسحر.

يمكن للزوار اختيار ما يروق لهم من عدد التمائم في نافذة قاعة الاجتماعات، وكتابة أمانيهم على ألواح "الإما" التذكارية الخشبية المصورة، وتعليقها، أو سحب إحدى أوراق الحظ المسماة "أو-ميكوجي". ويمكنهم كذلك اختيار الاحتفاظ بتذكار لتخليد زيارتهم باستخدام ختم "غوشين" بالحبر الأحمر.

تُباع في متجر يوجوكان في ساحات الضريح مجموعة متنوعة من التذكارات والوجبات الخفيفة مثل الزنزاي (حساء الفاصولياء الحمراء مع كعك أُرز موتشي)، والأنميتسو (معكبات الهُلام)، والوارابيموتشي (مكعبات هلام من الأرز مع مسحوق كيناكو)، ويمكن للزوار التوقف في هذه الساحات للحصول على بعض الراحة.

إذا كنت تزور ضريح ميسوغي، نوصيك بالتوقف لزيارة صنتوري هاكوشو ديستيلرَي (غير مناسب للسائحين المسلمين). أيضًا من الوجهات الرائعة المناسبة لجميع أفراد الأسرة قرية هايدي ومنتزه مكيبا .